سلام بالأفق في لبنان.. مكسب إسرائيلي أم مراوغة من نتنياهو؟
المحلل السياسي عماد الشدياق:
الهدنة كلام للاستهلاك ونتنياهو سيستمر بالحرب لكي يكسب الوقت لإبعاد المحاكمات عنه.
الجيش الإسرائيلي يحرز تقدماً ودخل في جنوبي لبنان أكثر من 8 كلم. ودفاعات “حزب الله” في بعض المناطق تتداعى.
من الصعب للإسرائيليين التراجع الآن. كيف يتراجعون هم يحرزون تقدماً في الميدان؟
ليس من مصلحة الإسرائيليين ترك كل هذا وكل ما فعلوه من تضحيات وإنفاق أموال وأسلحة ليتراجعوا الآن.
مع ارتفاع حجم الهجمات الجوية التي يشنها “حزب الله” من جهة و”إسرائيل” من جهة أخرى، والتقدم البري الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، أخذت وسائل الإعلام لا سيما العبرية تتحدث عن التوصل لصيغة توقف هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
منذ صباح الاثنين (25 نوفمبر الجاري) خرجت وسائل الإعلام العبرية بالعديد من التصريحات والتقارير التي تشير إلى وجود اتفاق داخل القيادة الإسرائيلية بوجوب وضع حدّ لهذه الحرب.
بحسب إذاعة جيش الاحتلال قال السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هرتسوغ: “نحن قريبون من التوصل إلى اتفاق في لبنان، ويمكن أن يحدث ذلك خلال أيام”، مضيفاً: “نحتاج فقط إلى إغلاق القضايا الأخيرة”.
حول هذا الاتفاق أفاد هرتسوغ أن “هذا ترتيب يجب أن يُبقي حزب الله بعيداً (عن الحدود)، ويسمح لسكان الشمال (النازحين الإسرائيليين) بالعودة إلى منازلهم”، لافتاً إلى أن “حزب الله الآن أكثر ضعفاً، وإذا حدثت أي انتهاكات فإن إسرائيل تحتفظ بحرية العمل ضده”.
بدورها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على مقترح الاتفاق الأمريكي لوقف إطلاق النار في لبنان.
وقالت الهيئة إن “إسرائيل أعطت الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتاين الضوء الأخضر للمضي قدماً نحو توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان”، مضيفة أن “من المأمول إعلان وقف إطلاق النار خلال يومين”.
الهيئة بينت أن المحادثات تتمحور الآن حول مسألة احتمال حرية تحرك الجيش الإسرائيلي في منطقة الحدود السورية- اللبنانية، في إشارة إلى ادعاءات إسرائيلية بتهريب أسلحة وذخائر من سوريا إلى “حزب الله” في لبنان.
ونقلت عن مصادر وصفتها بأنها “مطلعة على موقف الجانب الأمريكي”، إن “إسرائيل حصلت على ضمانات من واشنطن بحرية التحرك على الحدود في حال انتهاك الاتفاق”.
خلاصة الاجتماع الأمني
الأنباء التي خرجت من تل أبيب خلال الساعات القليلة الماضية، جاءت بعد فض اجتماع أمني هام، عقد بين نتنياهو وكبار قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لبحث مصير الاتفاق مع لبنان.
القناة الـ13 الإسرائيلية قالت نقلاً عن مسؤول إسرائيلي إن الاجتماع الأمني انتهى دون اتخاذ قرارات نهائية؛ بسبب عدم القدرة على التوصل لحلول لقضايا حرجة تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي، ولكنه أكد أن اتجاه محادثات التسوية إيجابي.
قناة “آي 24 نيوز” العبرية ذكرت أن نتنياهو وافق على الاقتراح الأمريكي للتسوية مع لبنان، والآن لا يلزم سوى موافقة الكابينيت.
لكن القناة تؤكد أن نتنياهو يواجه ضغوطاً من قبل أعضاء في الكنيست الإسرائيلي يحاولون بالفعل التحرك ضد التسوية، ويريدون الضغط على رئيس الوزراء لعدم التوصل إلى اتفاق، لافتة إلى أن بعض أعضاء الكنيست يعتزمون البدء بجمع التوقيعات على هذه القضية.
تأتي هذه التطورات وسط تأكيد مصادر إسرائيلية أن المبعوث الأمريكي هوكشتاين، هدد بالانسحاب من الوساطة مع لبنان إذا لم يكن هناك اتفاق في غضون أيام، موضحاً للمسؤولين الإسرائيليين أن التفاهمات مع لبنان جاهزة، وهو ما يجعل الكرة في ملعب “إسرائيل”.
بدورها ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن مصادر إسرائيلية وأمريكية ولبنانية أكدت أن تل أبيب أعطت موافقة مبدئية على اتفاق مقترح مع لبنان، وذلك رهناً بالموافقة النهائية من قبل مجلس الوزراء الإسرائيلي.
وفي وقت لاحق مساء 25 نوفمبر، قالت الصحيفة نفسها إن “نتنياهو يعقد غداً (الثلاثاء) اجتماعاً للمجلس الوزاري المصغر للمصادقة على الاتفاق الخاص بالتسوية في الشمال”.
تصاعد الهجمات
هذه التطورات تأتي في ظل تصاعد كبير لتبادل الهجمات بين “حزب الله” و”إسرائيل”، حيث أدت هجمات الحزب الصاروخية التي أطلقها تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة الأحد (24 نوفمبر الجاري) إلى دمار كبير وتعليق الدراسة، وسقوط مصابين في الأراضي المحتلة.
بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي تم تسجيل أكثر من 340 عملية إطلاق نار من لبنان، وتشغيل صافرات الإنذار قرابة 500 مرة، مع تسجيل إصابة 9 أشخاص نتيجة الهجمات.
مقابل ذلك، واصلت الغارات الإسرائيلية العنيفة ليل الأحد/الاثنين (24 – 25 نوفمبر)، على بلدات عدة جنوب لبنان بما فيها في مدينة النبطية ومجرى الليطاني وإقليم التفاح، تزامناً مع اشتباكات بين قوات إسرائيلية وعناصر “حزب الله” خلال محاولات توغل جديدة في قرى حدودية، حسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
في ظل هذه الظروف، يواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة على المستويين الدولي والداخلي، مما يضع مستقبله السياسي على المحك.
خارجياً يواجه مذكرة اعتقال أصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية، تتعلق بادعاءات بارتكاب جرائم حرب في غزة، وداخلياً يواجه محاكمة بشأن قضايا فساد تراكمت على مدى السنوات الأخيرة.
كسب الوقت
حول قراءته للمشهد يقول المحلل السياسي عماد الشدياق لـ”الخليج أونلاين”:
-
ما يحصل اليوم في لبنان هو ذاته حصل في مفاوضات حول غزة، كان الإسرائيليون يشعرون العالم أن المفاوضات وصلت إلى الخواتيم لكن الأمور تعود لنقطة الصفر.
-
الحديث عن وقف للحرب في لبنان كلام للاستهلاك.
-
نتنياهو يستمر بالحرب لكي يكسب الوقت لإبعاد المحاكمات عنه.
-
الجيش الإسرائيلي يحرز تقدماً ودخل في جنوبي لبنان أكثر من 8 كلم. ودفاعات حزب الله في بعض المناطق تتداعى، من الصعب للإسرائيليين التراجع الآن ولماذا التراجع؟ هم يحرزون تقدماً في الميدان.
-
هل من مصلحة الإسرائيليين ترك كل هذا وكل ما فعلوه من تضحيات وإنفاق أموال وأسلحة ليتراجعوا الآن!
-
وقف الحرب يعني إنجازاً لإدارة جو بايدن، ونتنياهو ليس مضطراً لأن يعطي إنجازاً سياسياً لإدارة أمريكية آفلة، يمكنه أن ينتظر شهراً إضافياً ويهدي هذا الإنجاز للإدارة الجديدة برئاسة دونالد ترامب.
-
ربما إدارة بايدن نفسها هي من تحاول اللعب على التناقضات، من الممكن أن بايدن يريد أن يورط العالم بحرب، مثلاً مساعدة “إسرائيل” على قصف إيران أو تسعير الحرب أكثر في الشرق الأوسط ليرمي كرة النار بيد الإدارة الأمريكية الجديدة.