العمالة البنغالية.. واقعها ونسبة انتشارها في دول الخليج
برزت الجالية البنغالية كواحدةٍ من أكبر الجاليات الوافدة في الخليج، حيث تُقدر أعدادهم بمئات الآلاف.
في الآونة الأخيرة، بدأت تسود مشاعر متباينة داخل المجتمع البحريني تجاه الجالية البنغالية، مع تزايد تورط أفراد منها في جرائم خطرة، ما يعيد قضية العمالة الوافدة في الخليج إلى الواجهة مرة أخرى، مثيرة جملة من الأسئلة وعن نسبة هذه العمالة وأدوارها في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
وعلى الرغم من تسبّب بعضهم بمشاكل وجرائم في دول الخليج، شكلت أيادي البنغاليين السمراء نقطة قوة للاقتصاد الخليجي، وخصوصاً قطاع البناء والأعمال، فلا تجد مَعلماً أو ناطحة سحاب في الخليج إلا ويكون للعمالة البنغالية يد في بنائها.
وشهدت دول الخليج خلال العقود الماضية نمواً اقتصادياً هائلاً، ترافق مع زيادةٍ كبيرةٍ في أعداد العمالة الوافدة من مختلف أنحاء العالم، وبرزت الجالية البنغالية كواحدةٍ من أكبر الجاليات الوافدة في الخليج، حيث تُقدر أعدادهم بمئات الآلاف.
جرائم خطيرة
وزارة الداخلية البحرينية كشفت في بيان الجمعة (22 نوفمبر الجاري) عن إحصائيات رسمية، تشير إلى تصدر العمالة البنغالية قائمة الجرائم الخطرة وكثرة المخالفات للقانون بشكل عام.
وأكدت الوزارة أن ذلك يشكل خطورة على سلامة المواطنين، ويزيد من حالة القلق ويؤثر سلباً على راحة المجتمع وطمأنينته.
كما أشارت إلى ما ترتكبه هذه العمالة من جرائم ومخالفات في البحر، وآخرها حادث بحري نتج عنه إصابة مواطن بإصابات خطيرة، وفقدان آخر ما زال البحث عنه جارياً.
لفتت الوزارة أيضاً، إلى أن زيادة جرائم العمالة البنغالية أوجد شعوراً عاماً بأن هذه العمالة غير مرحب بها داخل المجتمع البحريني.
وأوضحت أنه “على كل من يعمل في مملكة البحرين احترام القوانين والالتزام بمراعاة العادات والتقاليد البحرينية الأصيلة”، مشددة على أن “ارتكاب أي مخالفة وأياً كان نوعها أو حجمها، سوف يترتب عليه ضبط المخالف وإبعاده عن البلاد وفق الإجراءات القانونية المتبعة”.
شغب في الإمارات
بيان الداخلية البحرينية جاء بعد أشهر قليلة من عقوبات أصدرتها الإمارات بحق بنغاليين، على إثر تظاهر العشرات منهم في منتصف يوليو الماضي؛ احتجاجاً على الأوضاع السياسية في بلادهم، وهو ما اضطر السلطات الإماراتية إلى التعامل معهم وفق القانون.
لم تتوانَ الإمارات عن معاقبة منفذي أعمال الشغب على أراضيها، وأصدرت أحكاماً بالسجن على 57 بنغالياً تظاهروا ضد حكومة بلادهم في الإمارات التي لا يسمح بالتظاهر على أراضيها.
شملت العقوبات أيضاً 3 أحكام بالسجن المؤبد، و53 حكماً بالسجن 10 سنوات، وحكم واحد بالسجن 11 سنة، بعد إدانة الموقوفين “لدعوتهم وتحريضهم على التظاهر بهدف الضغط على حكومة بلادهم” في الإمارات، وإبعاد جميع المحكوم عليهم عن الدولة بعد انقضاء العقوبة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية.
وتحظر دولة الإمارات الاحتجاجات غير المصرح بها، وكذلك انتقاد الحكام أو الخطاب الذي يعتقد أنه يشجع على الاضطرابات الاجتماعية، كما يعاقب القانون على التشهير والإهانات اللفظية والمكتوبة.
كذلك، يجرم قانون العقوبات الإماراتي الإساءة إلى الدول الأجنبية أو تعريض العلاقات معها للخطر.
احتجاجات سابقة
وسبق احتجاجات الإمارات، شهدت الكويت، في يوليو 2008، إضراب عمال الخدمات والنظافة من البنغال؛ احتجاجاً على ما وصفوها بـ”ظروف المعيشة السيئة، وحرمانهم من أبسط حقوقهم”.
ونالت التطورات اهتماماً حكومياً وبرلمانياً، فالنواب هاجموا ضعف الرقابة الرسمية للشركات وعدم احترامها لحقوق الإنسان، فيما تعالت أصوات لجلب عمالة من دول آسيوية أخرى بدلاً من البنغالية والباكستانية، فيما قامت السلطات الكويتية بترحيل المئات من البنغاليين حينها.
وفي نهاية أكتوبر من العام 1995، شهدت الكويت احتجاجات كبيرة بعد خلاف بين بنغالي ومصري، أدت إلى تصاعد الاحتجاجات وتدخلات من الحكومتين البنغالية والمصرية.
البنغال في الخليج
- عدد السكان غير السعوديين في المملكة في عام 2022 نحو 13.4 مليون نسمة، ويتصدّر مواطنو بنغلاديش القائمة بأكثر من 2.1 مليون نسمة، ويشكلون ما نسبته 15.8% من إجمالي السكان المقيمين، وفقاً لبيانات رسمية.
-
في الإمارات، وفقاً لقناة “بي بي سي” عربية، يقدر عدد الجالية البنغالية المسجلة بـ 600 ألف مقيم، وهي ثالث أكبر جالية فيها.
-
تأتي عُمان في المركز الثالث بعد الإمارات، حيث كشف عبد الغفار البلوشي، سفير سلطنة عمان لدى بنغلاديش (نوفمبر 2023)، أن بلاده تستضيف أكثر من 600 ألف عامل ومهني بنغالي في مختلف القطاعات.
-
تأتي الكويت في المرتبة الرابعة، حيث يبلغ عدد أبناء الجالية البنغالية نحو 300 ألف، منهم نحو 90% من العمالة الهامشية، وفق ما ذكره سفير بنغلادش لدى الكويت ام دي عشيق الزمان، في مقابلة مع صحيفة النهار الكويتية (يناير 2024).
-
سفير بنغلادش لدى البحرين، محمد نذر الإسلام، ذكر، في ديسمبر من العام 2021، في تصريح لصحيفة “الأيام” المحلية، أن عدد البنغال في البحرين يقدر بنحو 160 ألف شخص، وأنهم يشكلون أكثر الجاليات تعداداً بعد الجالية الهندية.
-
في دولة قطر لا يوجد رقم معلن، خصوصاً مع استقدام قطر خلال تشييد ملاعب ومنشآت بطولة كأس العالم 50 ألف عامل بنغالي، إلى جانب نحو 150 ألف شخص وفق إحصائيات لعام 2020، إلا أنه لا يوجد إحصائية رسمية توضح العدد الفعلي للبنغاليين في البلاد.
اشتراطات وتقارب
وتشترط دول الخليج على العمال البنغاليين اجتياز الاشتراطات الصحية التي تثبت خلو العامل أو العاملة المنزلية من جميع الأمراض المعدية، من خلال فحص طبي في مراكز معتمدة وموثوقة، إضافة إلى الالتزام بالأنظمة والتعاليم والآداب والعادات وقواعد السلوك التي يجب مراعاتها أثناء فترة إقامتهم وعملهم.
ويؤدي تنظيم استقدام البنغاليين لدول الخليج إلى سلاسة واستثمار أكثر نضجاً لطاقاتهم، وهو ما يدفع دولاً خليجية إلى إعلان رغبتها بين الحين والآخر إلى استقدام مزيداً من العمالة.
وعملت دول الخليج خلال السنوات الماضية على تعزيز علاقاتها مع بنغلاديش في مختلف المجالات، وخاصة في مجال العمالة، حيث ترسل بنغلاديش العمال للمساهمة في مسيرة البناء الكبيرة التي تشهدها دول الخليج، كما تعتبر مناخاً مناسباً ومريحاً للعمل.
ومن حيث العوامل الاقتصادية تعد دول الخليج وجهة جذابة للعمالة البنغالية، بسبب فرص العمل المتاحة ورواتبها التي تُعتبر مرتفعة مقارنة ببنغلاديش.
أما العوامل السياسية فتحافظ دول الخليج على علاقات جيدة مع بنغلاديش، مما يُسهل عملية استقدام العمالة البنغالية، باستثناء بعض الخلافات التي حلت لاحقاً بتفاهمات ثنائية.
وفيما يتعلق بالعوامل الاجتماعية، فتشكل الجالية البنغالية في الخليج مجتمعاً مترابطاً، مما يُشجع المزيد من البنغاليين على القدوم إلى دول الخليج للعمل.
واللافت في سوق العمل الخليجي في السنوات الأخيرة، التطور الملحوظ في دخول العمالة البنغلاديشية في مجالات عديدة مهنية لم تكن تدخلها من قبل، وبدأت كسب ثقة الشارع.
وتعمل هذه العمالة في مختلف القطاعات والمهن، ومن بينها البناء والرعاية الصحية والقطاع المنزلي. وتساهم هذه العمالة في دعم الاقتصاد السعودي وتنويعه، وفي تحسين ظروف حياتها ومستواها المعيشي.