مستشفيات غزة تنهار.. الاحتلال يمنع العلاج ويدمر المنظومة الطبية
– الاحتلال استهدف 65% من المؤسسات الصحية، ما أدى إلى انهيار المنظومة الطبية ونقص الأطباء والمستلزمات.
– منع الاحتلال دخول المساعدات الدولية والأطباء زاد من معاناة المرضى والجرحى.
– مليوني شخص يعانون من نقص الخدمات الصحية مع انتشار الأوبئة والأمراض.
في مستشفى غزة الأوروبي بجنوب قطاع غزة، عاش الجريح غسان عودة تجربة قاسية انتظر فيها لساعات طويلة حتى وصل طبيب للكشف عن إصابته، التي تعرض لها جراء قصف منزل مجاور لمنزله من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول عودة لمراسل “الخليج أونلاين”، إن “المستشفى، الذي كان يعج بالأطباء قبل العدوان، يعاني الآن من نقص حاد في الكوادر الطبية، حيث يعمل غالبية الأطباء من حديثي التخرج الذين يفتقرون إلى الخبرة الكافية”.
وأوضح أن تكدس المرضى والمصابين داخل ممرات المستشفى يعود إلى نقص الأطباء وعدم القدرة على استقبال جميع الحالات، خصوصاً مع تهديدات إسرائيلية سابقة بإخلاء المنطقة المحيطة بالمستشفى.
ويعيش مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس (جنوب) من ظروف مشابهة، حيث تعمل منظمات دولية على توفير الحد الأدنى من الخدمات لتشغيل المجمع الحكومي الوحيد في المدينةالتي تضم أكثر من مليون نازح.
وتشير مصادر طبية لمراسل “الخليج أونلاين” إلى أن هذه المنظمات تُقدم دعماً عبر دفع رواتب الأطباء المتبقين، وتوفير الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية، وإمدادات طبية محدودة، لكنها غير كافية لسد الاحتياجات.
استهداف ممنهج للطواقم الصحية
نقيب الأطباء الفلسطينيين، شوقي صبحة، أكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تكتفِ بمنع دخول المستلزمات الطبية والأطباء من الضفة الغربية إلى غزة، بل نفذت عمليات اغتيال طالت كوادر طبية، مما زاد من النقص الحاد في العاملين بالقطاع الصحي. وأوضح أن هذا الاستهداف يهدف إلى شلّ النظام الصحي في القطاع وإضعافه.
من جهتها، أوضحت وزارة الصحة الفلسطينية أن الاحتلال تعمد استهداف المؤسسات الصحية، حيث بلغت نسبة استهدافه 65% من المرافق الصحية (الحكومية، الأهلية، الخاصة، والدولية).
وأضافت الوزارة أن هناك 986 شهيداً من الكوادر الطبية، منهم 4 داخل السجون الإسرائيلية من أصل 312 معتقلاً.
انهيار كامل للخدمات الصحية
وأدت الاعتداءات الإسرائيلية إلى كارثة صحية غير مسبوقة، حيث تعمل المستشفيات المتبقية بنسبة إشغال تصل إلى 300%، خاصة في أقسام العناية المركزة والحضانات. وفي ظل غياب المياه الصالحة للشرب، وتدمير البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي، أدى ذلك إلى انتشار أمراض خطيرة مثل التهاب الكبد الوبائي، شلل الأطفال، والأمراض الجلدية.
وأشارت وزارة الصحة إلى أن مليوني فلسطيني في قطاع غزة محرومون من الخدمات الصحية الأساسية، مع وجود 50 ألف امرأة حامل لا يحصلن على رعاية الأمومة، و12 ألف مريض سرطان يعانون من نقص العلاجات الأساسية، بل حتى المسكنات.
كما أدى نقص خدمات غسيل الكلى إلى وفاة العديد من المرضى الذين كانوا يعتمدون عليها.
منع دخول المساعدات الدولية
في السياق، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الاحتلال الإسرائيلي منع دخول متخصصين طبيين ومنظمات دولية كانت تسعى لدعم القطاع الصحي في غزة. ومن بين هذه المنظمات الجمعية الطبية الفلسطينية الأميركية التي تقدم دعماً حيوياً للخدمات الطبية. ووصفت المنظمة هذا المنع بأنه غير مسبوق ويُشكل عائقاً كبيراً أمام توفير الخدمات الصحية.
وطالبت المنظمة بالسماح الفوري لفرق الإغاثة بالدخول إلى غزة، مشيرة إلى أن هذه الفرق تقدم خدمات حيوية تشمل الدعم النفسي والعلاج الطبي في منشآت مثل مستشفى غزة الأوروبي ومستشفى ناصر.
الدكتور غسان أبو ستة، الذي عمل خلال العدوان الأخير في مستشفيي الشفاء والمعمداني بمدينة غزة، وصف الاستهداف الإسرائيلي للقطاع الصحي بأنه جزء من حملة تطهير عرقي.
وأوضح أبو ستة، خلال محاضرة في معهد الدوحة للدراسات العليا مؤخراً، أن ضرب سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، واستشهاد أكثر من 280 شخصاً بشكل منهجي، يهدف إلى خلق كارثة إنسانية مستمرة.
وأشار إلى أن هذا الاستهداف يعكس استراتيجية مقصودة لتدمير البنية الصحية وإبقاء القطاع في حالة من العجز بعد انتهاء الحرب.
وقال الطبيب الفلسطيني: “أنا برأيي أن جثث الأطفال الخدج التي تركت في مستشفى النصر لم تكن خطأ، بل كانت أساسية في الطريقة الاستعراضية للقتل، بعدها ضرب سيارات الإسعاف والطواقم الطبية. كل هذا الهدف منه خلق كارثة تستمر بعمل التطهير العرقي بعد الحرب”.
وتجدد وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية الدعوة لوقف العدوان الإسرائيلي فوراً، والسماح بمرور المساعدات الطبية والطواقم الدولية.
وأكدت الوزارة في أكثر من بيان لها، أن آلاف الجرحى بحاجة ماسة لإجراء عمليات جراحية عاجلة، مع تفاقم أوضاعهم الصحية جراء نقص العلاجات والرعاية.
وتشير التقديرات إلى أن أعداداً كبيرة من الوفيات في القطاع ناجمة عن غياب الخدمات الطبية بسبب الاستهداف الإسرائيلي المستمر لها، مما يجعل الكارثة الإنسانية في غزة تتفاقم بشكل مستمر.