عبوات “شواظ” و”رعدية”.. كيف قلبت المقاومة موازين المعركة في جباليا
استخدمت كتائب “القسام” عبوات محلية الصنع بفعالية ضد جيش الاحتلال في جباليا شمال غزة
أبرز تلك العبوات كانت “شواظ” التي استخدمت بفعالية ضد الدبابات والآليات الإسرائيلية
“القسام” استخدمت كذلك العبوة “الرعدية” والعبوات “التلفزيونية”
لا يمر يوم في شمال قطاع غزة، إلا ويعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مقتل عدد من جنوده وضباطه بتفجير المقاومة الفلسطينية لدباباته وآليات العسكرية، ونسف مبانِ سكنية لجأت إليها القوات الخاصة الإسرائيلية خلال العمليات.
وأظهرت المقاومة الفلسطينية بشمال قطاع غزة تحديداً في مخيم جباليا، قدرات عسكرية مؤثرة في التصدي للهجمات الإسرائيلية، من خلال استخدام العبوات الناسفة، وقذائف الياسين، في تفجير الدبابات.
وخلال أيام الهجوم الإسرائيلي المستمر على جباليا الذي بدأ يوم السادس من أكتوبر الماضي، أظهر مقاتلو المقاومة وعلى رأسهم عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة “حماس” مرونة كبيرة، كما استخدموا بحرفية عالية عبوة “شواظ” لتفجير الدبابات وتفخيخ المنازل وتفجيرها بجنود الاحتلال.
عبوات “شواظ”
تعد عبوة “شواظ” إحدى الصناعات العسكرية المحلية لكتائب “القسام”، والتي تستخدم كعبوة مضادة للدبابات والعربات العسكرية والأفراد، وتتميز بأنها خفيفة الوزن وسهلة النقل، ولها قدرة تدميرية عالية مع قلة الأضرار الجانبية التي تسببها إذا ما تم مقارنتها بالعبوات الارتجالية.
وأظهرت تجارب “القسام” التدريبية المصورة، قدرة عبوة “شواظ” على اختراق طبقات من الخرسانة والحديد، حيث تتميز باختراق الدروع الحديدية بسمك 38 سنتيمترا، و200 ملليمتر من الفولاذ بالمركبات العسكرية.
إلى جانب عبوة “الشواظ” تستخدم كتائب “القسام” العبوة الرعدية ضد الجنود في المسارات الطويلة كالأنفاق والشوارع، لأن موجتها الانفجارية القاتلة، تمتد إلى الأمام 140 مترًا طولاً، و18 مترًا عرضاً، ومترين ارتفاعاً.
أيضا تستخدم “القسام” العبوة التلفزيونية التي تصل موجتها التفجيرية القاتلة في مسافة 60 مترًا طولًا، و60 متراً عرضاً، ومترين ارتفاعاً.
ضربات قاسية
خبير الشؤون الأمنية والاستراتيجية، أحمد عبد الرحمن، يؤكد أن المقاومة الفلسطينية ما تزال قادرة على التصدي للعدوان بشمال قطاع غزة، حيث تعمل بكل الإمكانيات المتاحة، من خلال الخطط الاستباقية التي أعدتها، ومن خلال توجيه ضربات قاسية ومؤثرة لقوات الاحتلال في محاور القتال المختلفة.
وأضاف عبد الرحمن في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “يتميز الأداء القتالي للمقاومة بشمال قطاع غزة بالمرونة التكتيكية العالية، بالإضافة إلى الكمائن النوعية التي أسقطت عدداً كبيراً من الجنود والضباط قتلى وجرحى”.
ويلفت عبد الرحمن إلى أن المعارك مستمرة في محافظات القطاع كافة بنسب متفاوتة بين محافظة وأخرى، حيث تركزت في ثلاث مناطق رئيسية، الأولى وهي الأكثر سخونة في مخيم جباليا شمال القطاع، وبعض المناطق المحاذية له من الجهة الشمالية الغربية تحديداً، والثانية في رفح التي تشارف المعارك فيها على دخول شهرها السادس، وهذه العملية انتهت بحسب الإعلام العبري” إكلينيكيا”.
وأوضح عبد الرحمن أن الأيام الأخيرة، شهدت تغيير لافت في سير العملية العسكرية، وهي الإعلان عن انضمام لواء جفعاتي لها، والبدء بتعميق عملية التوغل إلى عمق المخيم جباليا من جهة، وإلى محاصرة المستشفيات ومراكز الإيواء من جهة أخرى.
اعتراف إسرائيلي
أمام قدرات المقاومة الفلسطينية الفاعلة، أعلن جيش الاحتلال مقتل 17 من جنوده الشهر الماضي في غزة، 11 منهم بانفجار عبوات زرعت داخل مبان، 5 في جباليا والبقية بمحور نتساريم وفي رفح.
من أبرز قتلى جيش الاحتلال في شمال قطاع غزة، كان قائد اللواء 401 إحسان دقسة، وهو القتيل الأعلى رتبة في الجيش، منذ بدء الاجتياح البريّ للقطاع، وإصابة ضابط آخر بجراح خطيرة في المعارك ذاتها.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي في (20 أكتوبر الماضي) بأن تفجير عبوة ناسفة في جباليا، أدى إلى مقتل قائد اللواء المذكور، وإصابة قائد الكتيبة 52 باللواء 401 بجروح خطيرة، وإصابة ضابطين بجروح طفيفة إلى متوسطة.
وعقب مقتل اللواء دقسة، كشف التحقيق الأولي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، أن العبوة الناسفة، تمّ تفعيلها بواسطة “سلك تشغيل، عبارة عن نوع من الكابلات التي بمجرد أن تدوس عليه أو تسحبه، يتم التفعيل”.
كما أفاد هيلل بيتون روزين، وهو مراسل الشؤون العسكرية في قناة 14 الإسرائيلية، بأن 12 جنديا قتلوا في جباليا بعبوات ناسفة فقط، إضافة إلى قتلى آخرين سقطوا بالاشتباكات، مشيراً إلى وجود الكثير من العبوات الناسفة في تلك المنطقة.
وطالب روزين بـ”تدمير جباليا وجعلها خراباً لكونها حيا إرهابيا” وفق وصفه، مضيفاً أنه “يجب ألا نبقي شيئاً اسمه جباليا”.
وينتمي جميع القتلى والجرحى إلى وحدة كوماندوز، تعرف باسم “الوحدة المتعددة الأبعاد”، أو “وحدة الأشباح”، وهي وحدة نخبة في الجيش الإسرائيلي تعمل في البيئات الصعبة، وفي جبهات القتال كافة.
من جانبه أكد المحلل عسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل، أن أكتوبر 2024 هو أكثر شهر شهد خسائر بشرية بصفوف الجيش منذ بداية عام 2024، معتبراً استمرار قتل وجرح عسكريين قد يدفع الرأي العام الإسرائيلي إلى المطالبة بإنهاء الحرب، وهو ما تزايد على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال هارئيل وهو محلل عسكري في صحيفة هآرتس: “أكتوبر هو أسوأ شهر من حيث الخسائر الإسرائيلية منذ بداية العام”.