أقدم وثيقة ديمقراطية مكتوبة.. تعرّف على الدستور الأمريكي
– من صاغ دستور الولايات المتحدة؟
الآباء المؤسسون الأمريكيون.
– في أي عام تم التصديق على الدستور الأمريكي؟
عام 1789.
– ما أعلى سلطة في الولايات المتحدة؟
الرئيس الأمريكي رئيس الحكومة الفيدرالية.
تعقد الولايات المتحدة انتخاباتها الرئاسية الثلاثاء المقبل 5 نوفمبر الجاري، كتكريس لحالتها الديمقراطية وتطبيقاً لدستورها القديم الذي أسست عليه الدولة الكبرى في العالم.
ولعل الانتخابات الأمريكية التي لم تتغير آلياتها على مدار قرون، مرتبطة بشكل أساس بالدستور الأمريكي الأول، الذي نظم الحياة السياسية في الولايات المتحدة عبر ثلاث سلطات منفصلة؛ تشريعية ممثلة بالكونغرس، وتنفيذية يمثلها الرئيس وإداراته، وقضائية تمثلها المحكمة العليا للبلاد.
وتتميز المؤسسات الأمريكية بعلاقتها الأساسية مع الدستور الذي لم يتغير (إلا من بعض مواده) على مدار أكثر من 230 عاماً، محققاً الاستقرار فيها.
أقدم دستور مكتوب
“نحن شعب الولايات المتحدة، رغبة منا في إنشاء اتحاد أكثر كمالاً، وإقامة العدالة، وضمان الاستقرار الداخلي، وتوفير سبل الدفاع المشترك، وتعزيز الصالح العام وتأمين نِعَم الحرية لنا ولأجيالنا القادمة، نرسم ونضع هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية”؛ بهذه “الديباجة” افتتحت الصفحات الأولى للدستور الأمريكي أقدم دستور مكتوب غير منقطع الاستخدام حتى الآن.
ويعد الدستور الأمريكي الوثيقة المؤسسة للحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة، كما يشكّل القانون الأعلى للبلاد، والعقد الاجتماعي الذي يرجع إليه الأمريكيون جميعاً.
وينظم الدستور العلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويفصل بينها، كما يحوي بنوداً تهدف لضمان حقوق الأفراد في الحياة والملكية، وفي حرية العبادة والتعبير.
ومن أجل ضمان هذه الحريات شدد واضعو الدستور الأمريكي على ضرورة وجود قيود لصلاحيات كل من سلطات الحكم، وتم تقسيم الصلاحيات لضمان عدم أخذ القوة من قبل شخص أو طرف واحد، إضافة إلى مساواة الجميع أمام القانون، ويضمن فصل الدين عن الدولة كدولة علمانية (وإن كان رئيسها مسيحياً منذ التأسيس حتى الآن).
كما يتميز الدستور الاتحادي بأنه دستور مكتوب، كما أنه دستور جامد غير مرن إذ لا يجوز تعديله بقانون عادي، ويرجع ذلك إلى الأهمية الكبيرة لهذا الدستور، إذ إنه يتولى تحديد اختصاصات الحكومة المركزية والبرلمان الاتحادي وكذلك حكومات الولايات، ولهذا فإن على جميع هذه الهيئات أن تحترم نصوصه من دون ارتكاب أدنى مخالفة له.
ومن أجل تعديله يشترط موافقة ثلاثة أرباع الولايات على التعديل بعد تقديمه من ثلثي أعضاء الكونغرس.
صاغ مواد الدستور ما يعرف عنهم “الآباء المؤسسون” للولايات المتحدة بالإضافة لآخرين، وهم مجموعة من الزعماء الأمريكيين الذين وحدوا المستعمرات الـ13، وقادوا الحرب من أجل الاستقلال عن بريطانيا العظمى، وبنوا إطاراً حكومياً للبلاد على أسس جمهورية خلال العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر.
وحدد المؤرخ “ريتشارد ب. موريس” في عام 1973 الشخصيات السبعة التالية كالآباء المؤسسين المحوريين وهم: “جون آدمز، وبنجامين فرانكلين، وألكساندر هاميلتون، وجون جاي، وتوماس جيفرسون، وجيمس ماديسون، وجورج واشنطن”، وذلك استناداً إلى الأدوار الأساسية والمهمة التي أدوها في تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد.
وفي عام 1789 صدر الدستور الأمريكي وتمت المصادقة عليه من قبل الولايات، وأعطي سيادة أعلى من دساتير جميع الولايات، وهذه الحالة أعطت المحكمة العليا سلطة فرض تطبيقه، فقد تضمن الدستور فقرة أعلنت أن إجراءات الحكومة القومية تكون لها السيادة عندما يتضارب استخدامها الدستوري لسلطتها مع الإجراءات المشروعة للولايات.
ولا تحتوي وثيقة الدستور الأمريكي أي ذكر لكلمة الرب، في حين أن الإشارة إلى كلمة دين في الدستور استخدمت لتأكيد عدم التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم، فالفقرة السادسة من الدستور تنص على أنه ليس من الوارد إجراء اختبار ديني لأي شخص يرغب في شغل أي وظيفة حكومية، كما نص أول تعديل أدخل على الدستور على أن الكونغرس لن يقوم بأي حال من الأحوال بتشريع قانون قائم على أساس ديني.
في المقابل تمت إضافة “نثق بالله” كشعار للولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تبنته ولاية فلوريدا على علمها، ثم تمت الموافقة على استعماله على الدولار الأمريكي سنة 1782، وهو مستمر حتى الآن.
ما هي الحكومة الفيدرالية؟
وفي ظل الدستور الراعي لاستمرار العملية الديمقراطية وتداول السلطة في البلاد منذ صُدق عليه يتزعم الرئيس المنتخب الجديد الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة بموجب الدستور، فما هي هذه الحكومة وبماذا تختلف عن الحكومات الأخرى؟
تتعدد أنواع وأشكال الحكومات على مر التاريخ السياسي للعالم، إلا أن من أبرزها في العصر الحالي “الملكية الدستورية، والديمقراطية، والدستورية، والفيدرالية، والجمهورية، والديكتاتورية، وغيرها”.
والحكومة الفيدرالية هي شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر في الأقاليم والولايات، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمداً أحدهما على الآخر، وتتقاسمان السيادة في الدولة، وأما فيما يخص الأقاليم والولايات فهي تعد وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها، ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم تلك منصوصاً عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
وتقوم حكومة الولايات المتحدة على مبادئ الفيدرالية والجمهورية، إذ تتقاسم السلطة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات.
ولا يقدم الدستور الأمريكي شرحاً أو وصفاً محدداً للفيدرالية في أي قسم من أقسامه، بل يتضمن عوضاً عن ذلك إشارات متعددة للحقوق والمسؤوليات المناطة بحكومات الولايات ومسؤوليها أمام الحكومة الفيدرالية المركزية.
ومنذ الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861، توسعت سلطات الحكومة الفيدرالية على نحو عام توسعاً كبيراً، على الرغم من وجود فترات منذ ذلك الوقت تدل على هيمنة السلطة التشريعية (كالعقود التي تلت الحرب الأهلية مباشرة)، أو عندما نجح أنصار حقوق الولايات في تقييد السلطة الفيدرالية من خلال إجراءات تشريعية أو امتيازات تنفيذية أو تفسير دستوري من جانب المحاكم.
ويتولى رئيس الولايات المتحدة رئاسة الحكومة الفيدرالية على الرغم من أن السلطة كثيراً ما تفوض إلى أعضاء مجلس الوزراء والمسؤولين الآخرين، حيث ينتخب المجمع الانتخابي الرئيس ونائبه تزامناً مع انتخاب أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وتقتصر ولاية الرئيس على فترتين مدة كل منهما أربع سنوات كحد أقصى.