توحيد الصناعات بالخليج.. الطريق نحو اقتصاد أكثر تنوعاً وقوة
الوكيل المكلف بوزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات عمر السويدي:
دول الخليج تشهد تعاوناً متنامياً في مجال توحيد الصناعات، بهدف تعزيز التكامل الصناعي والاقتصادي بين الدول الأعضاء.
الجهود الحالية تركز على توحيد الاستراتيجيات الصناعية الخليجية، لتعظيم الاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة في المنطقة، ما يسهم في بناء كتلة صناعية خليجية ذات ثقل عالمي.
سعي مجلس التعاون الخليجي إلى توحيد الصناعات بين دوله، يجسد رؤية أوسع لتحقيق التنوع الاقتصادي، ورفع تنافسية المنطقة على المستوى العالمي.
منذ سنوات اتجهت دول الخليج إلى تنويع مصادر دخلها عبر تطوير قطاعات صناعية جديدة، وأثبتت نجاحاً كبيراً، لا سيما السعودية والإمارات وقطر.
هذه الدول نجحت إلى حد كبير بتطوير الصناعات الثقيلة مثل البتروكيماويات وتكرير النفط والغاز، وهو ما أتاح لها استغلال مواردها الطبيعية بشكل أكثر كفاءة.
في السنوات الأخيرة، بدأت دول الخليج بتوجيه استثمارات كبيرة نحو الصناعات التكنولوجية والطاقة المتجددة، وتبنت استراتيجيات للتحول الرقمي وتطوير البنية التحتية للصناعات المستقبلية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الخضراء.
هذا التحول الصناعي يستهدف جعل الخليج مركزاً إقليمياً وعالمياً للصناعات المتطورة والمستدامة، مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا.
تعزيز التكامل
تحاول دول الخليج الانتفاع من طاقاتها الصناعية الفردية لتصب في قطاع صناعي موحد، يساهم في إعطاء دفعة أكبر لتطور هذا القطاع بشكل جماعي لجميع دول المجلس.
هذا ما أكده مسؤولون خليجيون في مناسبات سابقة، وهو ما ذكره أخيراً الوكيل المكلف بوزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات عمر السويدي، بحسب ما أوردت صحيفة “عكاظ”.
وبين السويدي أن:
-
دول الخليج تشهد تعاوناً متنامياً في مجال توحيد الصناعات، بهدف تعزيز التكامل الصناعي والاقتصادي بين الدول الأعضاء.
-
الجهود الحالية تركز على توحيد الاستراتيجيات الصناعية الخليجية، لتعظيم الاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة في المنطقة، ما يسهم في بناء كتلة صناعية خليجية ذات ثقل عالمي.
-
دول الخليج تمتلك سوقاً صناعية قوية، مدعومة بثرواتها الطبيعية خصوصاً النفط، الذي أسهم في بناء صناعات متقدمة على المستوى العالمي.
-
هذا التعاون يسعى إلى تعزيز الإنتاجية والتنافسية لتحقيق مستويات أعلى من النمو الصناعي.
خطة خليجية
توحيد نشاطات دول الخليج في مجال التحول الصناعي هو ليس وليد اليوم، فقد لخصت الأمانة العامة لمجلس التعاون عبر المادة الثامنة من الاتفاقيـة الاقتصادية لعام 2001 أهداف العمل الخليجي المشـترك في مجال التنمية الصناعية وفقاً لما يلي:
-
تتبنى الدول الأعضاء السياسات اللازمة لزيادة مساهمة قطاع الصناعة في الاقتصاد وتنسيق النشاط الصناعي بينها على أساس تكاملي، بما في ذلك تنفيذ “الاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية لدول المجلس”.
-
تقوم الدول الأعضاء بتوحيد التشريعات والأنظمة الصناعية فيما بينها، بما في ذلك نظم تشجيع الصناعة ومكافحة الإغراق والإجراءات الاحترازية.
تطبيق المادة الثامنة سيكون مدخلاً لنجاح دول الخليج في توسيع قطاع الصناعة وتوحيده، وجعله يصمد أمام التحديات الاقتصادية المختلفة التي تواجه العالم.
ذلك ما لفت إليه وزير التجارة والصناعة القطري الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني، خلال ترؤسه الاجتماعات الوزارية لدول مجلس التعاون للجنة التعاون التجاري الـ 66، ولجنة التعاون الصناعي الـ 52 في مايو الماضي بالدوحة.
وشدد على أن “التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم تفرض علينا كمنظومة خليجية تسريع وتيرة التنسيق والعمل المشترك؛ لتطوير مختلف القطاعات وخاصة القطاع الصناعي”.
وأكد أن هذا القطاع “يمثل مدخلاً مهماً نحو التكامل الاقتصادي الخليجي من خلال تبني استراتيجية موحّدة للتصنيع، تراعي أولويات منظومة الصناعة الخليجيّة”.
نجاحات خليجية
يسهم القطاع الصناعي بكافة مجالاته، بشكل كبير، في الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس، حيث تتجاوز نسبة مساهمته أكثر من 12%.
وبحسب أحدث الإحصائيات، حقق هذا القطاع نمواً خلال عام 2022 تجاوزت نسبته 30% عن عام 2021، ليصل إلى ما قيمته 220 مليار دولار، ويعمل بهذا القطاع أكثر من 2.2 مليون عامل.
القطاع الصناعي في دول الخليج شهد قفزات مهمة يمكن تلخيصها بما يلي:
– السعودية
-
ارتفاع عدد المصانع القائمة بنسبة 10% في عام 2023، من 10518 مصنعاً في 2022 إلى 11549.
-
عدد التراخيص الصناعية الجديدة الصادرة في 2023 بلغ 1379 ترخيصاً، بحجم استثمارات تصل إلى أكثر من 81 مليار ريال.
-
بدأ الإنتاج في 1058 مصنعاً خلال 2023 باستثمارات تبلغ 45 مليار ريال (11.9 مليار دولار).
– قطر
-
يستحوذ الاستثمار المحلي على 67% من إجمالي عدد المنشآت العاملة في القطاع الصناعي.
-
المصانع ذات الملكية القطرية بنسبة 100% عددها نحو 617 مصنعاً، ونحو 6 مصانع لمستثمرين من دول مجلس التعاون.
-
عدد المصانع ذات الاستثمار الأجنبي نحو 14 مصنعاً، وذات الملكية المختلطة نحو 298 مصنعاً.
-
تستحوذ خمسة قطاعات صناعية على ما نسبته 91% من إجمالي قيمة الاستثمارات.
– الإمارات
-
وصلت قيمة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي 2023 ما يصل إلى 205 مليارات درهم (55.8 مليار دولار)، بنمو 55% عن عام 2020.
-
ارتفعت قيمة الصادرات الصناعية الإماراتية 187 مليار درهم (50.9 مليار دولار)، بنسبة نمو 61% عن الفترة ذاتها.
– الكويت
-
الهيئة العامة للصناعة وافقت على منح تراخيص لإقامة 110 منشآت صناعية كبرى، خلال الفترة من 1 يناير 2023 حتى نهاية شهر يونيو 2024.
-
تركز الهيئة على 6 أنشطة صناعية مطلوبة في السوق المحلي، وتعتبر محور ومستقبل الصناعات في العالم، وهي: اﻟﺒﺘﺮوﻛﻴﻤﺎوﻳﺎت واﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ، اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ، ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة، اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت، ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺒﻨﺎء والتشييد، اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ الأساسية المرتبطة بالأمن الغذائي.
– البحرين
-
ارتفع عدد المصانع في البحرين خلال 2023 بمقدار 38 مصنعاً، ليصل إجمالي عددها إلى 857 مصنعاً.
-
تجاوز إجمالي الاستثمارات المسجلة في المناطق الصناعية الـ3.7 مليارات دينار (9.8 مليارات دولار).
-
المساحة الإجمالية للمناطق الصناعية بمملكة البحرين تبلغ 14.5 مليون متر مربع، وأكثر من 90% منها مستأجرة.
توافر العوامل المطلوبة
مجموعة من العوامل تمتلكها دول الخليج تجعلها تنجح في إنشاء تكتل اقتصادي بحسب ما يقول لـ”الخليج أونلاين” المحلل الاقتصادي د. محمد موسى مبيناً أن:
-
دول الخليج وفي مقدمتها السعودية تمتلك كل المقومات في التكامل الاقتصادي، والتكامل بات ضرورة على غرار دول الاتحاد الأوروبي.
-
هناك إمكانيات وتطورات هائلة على مستوى الغاز والنفط والمعادن والثروات الطبيعية، وقطاعات أخرى مثل السياحة والصناعة.
-
بامتلاكها كل مقومات التمويل الجاهز تستطيع دول الخليج جذب كل الشركات الكبرى.
-
تتوافر في الخليج الأرضية الجاهزة من البيئة التكنلوجية وجميع المقومات اللوجستية القادرة لإنشاء مصانع وصناعات كبرى.
-
من المستغرب أن هذه الدول لم تتكامل بعد رغم توفر 3 عناصر رئيسية هي الاستقرار الأمني والسياسي والعلاقات الخارجية الممتازة مع الدول.
-
يدعم التكامل الاقتصادي الرؤى المتنقلة من رؤية 2030 في السعودية إلى رؤية 2040 في السلطنة وغيرها.
-
إذا ما جاء التكامل الصناعي بين هذه الرؤى الاقتصادية ستكون دول الخليج خلال السنوات العشر القادمة في مصاف الدول المتقدمة.