“جدل متجدد”.. هل ظلم فينيسوس بحرمانه من الكرة الذهبية؟
منح الكرة الذهبية لرودري على حساب فينيسيوس جونيور أصبح موضوعاً ساخناً في الأوساط الرياضية، خاصةً في ظل الادعاءات حول تحيز “اليويفا” ضد ريال مدريد.
أثار الإعلان عن منح الكرة الذهبية للاعب مانشستر سيتي رودري هيرنانديز جدلاً واسعاً، خاصةً في ظل الدعم الكبير الذي ناله نجم ريال مدريد، فينيسيوس جونيور، باعتباره مستحقاً للجائزة.
ويرى كثيرون أن تألق فينيسيوس مع الريال في موسم 2023 – 2024 يجعله الأحق بالكرة الذهبية، خاصةً بعد مساهماته الكبيرة في دوري الأبطال أوروبا والدوري الإسباني.
كما سبق أن أعلن زميل رودري في مانشستر سيتي، الحارس إيدرسون، تأييده لفوز مواطنه فينيسيوس بالجائزة، مشيراً إلى أنه قدم أداءً مميزاً واستثنائياً الموسم الماضي رغم المنافسة القوية.
وشارك 100 صحفي من 100 دولة حول العالم، في التصويت بجائزة الكرة الذهبية 2024 التي تمنحها مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية، حيث فاز رودري بالمركز الأول.
وحل فينيسيوس في المركز الثاني، فيما جاء زميلاه في ريال مدريد الإنجليزي جود بيلينغهام بالمرتبة الثالثة، والإسباني داني كارفاخال الرابع، وحل مهاجم مانشستر ستي إيرلينغ هالاند خامساً، والفرنسي كيليان مبابي سادساً، والأرجنتيني لاورتارو مارتينيز سابعاً، والإسباني لامين يامال ثامناً، والألماني توني كروس تاسعاً، والإنجليزي هاري كين أكمل قائمة العشرة الأوائل.
اتهامات بالتحيز
منح الكرة الذهبية لرودري على حساب فينيسيوس جونيور أصبح موضوعاً ساخناً في الأوساط الرياضية، خاصةً في ظل الادعاءات حول تحيز “اليويفا” ضد ريال مدريد، ووجود تضارب بين الأداء الفردي والجماعي كمعيار لاختيار الفائزين.
وقبيل ساعات من الحفل، ألغى ريال مدريد رحلته إلى باريس لحضور حفل الكرة الذهبية (الاثنين 28 أكتوبر)، بعد علمه أن جونيور لن يكون الفائز.
ولم يخفي ريال مدريد غضبه من قرار عدم منح الجائزة لنجمه البرازيلي، رغم فوزه بجائزة أفضل نادي ومدربه كارلو أنشيلوتي كأفضل مدرب، حيث قال مدير المركز الإعلامي لريال مدريد، خوان كاميلو في بيان له:
إذا كانت معايير منح الجائزة لم تقم باختيار فينيسيوس كفائز، فإن المعايير ذاتها يجب أن تختار كارفاخال كفائز، بما أن الأمر لم يكن كذلك، من الواضع بأن الكرة الذهبية لم تحترم ريال مدريد وريال مدريد لن يكون متواجداً حيث لا يتم احترامه
وقدم ظهير “المرينغي” كارفاخال موسماً قوياً مع ريال مدريد والمنتخب الإسباني، في الموسم الماضي، وكان له دور فعال في حصد النادي الملكي لدوري أبطال أوروبا، وفي فوز منتخب بلاده أيضاً في كأس أمم أوروبا 2024، لذا فإن الحديث عن أحقية حصوله على الكرة الذهبية كبديل لرودري يبدو منطقياً في هذا السياق، وفق محللين.
من جانب آخر، اعتبر بعض المحللين أن هناك تواطؤاً أو انحيازاً من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) ضد ريال مدريد، مما يجعل الجوائز تتوزع بطريقة غير منصفة لصالح فرق أخرى.
وتزايدت الشكوك بعد تصريحات النجم الفرنسي ومدرب الريال الأسبق زين الدين زيدان، الذي تساءل عن نزاهة توزيع الجوائز منذ 2018.
وفي تصريحات لمنصة “دازورن” الرياضية العالمية قال زيدان:
- فوجئت بفوز رودري على حساب فينيسيوس.. إنه أمر مفاجئ ومدهش.
- فينيسيوس تألق وقدم مستويات مذهلة مع ريال مدريد.. إنه يستحق أن يحظى بالتكريم على جهده الكبير والفوز بجائزة الكرة الذهبية.
- الفائز ربما لا يكون اللاعب الذي يستحق الجائزة، وجائزة الكرة الذهبية فقدت مصداقيتها منذ فترة طويلة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يطفو الخلاف بين ريال مدريد والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليوفا) إلى السطح بل هو قديم يعود إلى عدة عوامل، أبرزها أن النادي الملكي يشعر بأنه تم تهميشه في بعض القرارات الإدارية المتعلقة بكرة القدم الأوروبية خصوصاً فيما يتعلق بدوري أبطال أوروبا وآخرها النظام الجديد الذي بدأ العمل به في الموسم الحالي.
كما كانت هناك توترات بسبب قضايا تتعلق بالحقوق التجارية والنزاع على الهيمنة في عالم كرة القدم، خاصة بعد ظهور مشاريع مثل دوري السوبر الأوروبي، مما أثر على المسابقات التي ينظمها “اليوفا”.
هل استحقها رودري؟
يدعم بعض النقاد حصول رودري على الجائزة، حيث يعتبرونه من أفضل لاعبي الوسط الدفاعي في العالم، وأحد الركائز الأساسية في نجاح مانشستر سيتي خلال السنوات الأخيرة.
وخلال الموسم الماضي لعب رودري 50 مباراة، سجل خلالها 9 أهداف، وساهم في 14 تمريرة حاسمة، وفاز بـ 3 ألقاب (الدوري الإنجليزي الممتاز، كأس العالم للأندية، كأس أوروبا) لتصل قيمته السوقية إلى 120 مليون يورو.
أما فينيسوس فقد لعب 39 مباراة سجل خلالها 24 هدفاً وساهم في 11 تمريرة حاسمة، وفاز بـ 3 ألقاب (الدوري الإسباني، دوري أبطال أوروبا، كأس السوبر الأوروبي) لتصل قيمته السوقية إلى 200 مليون يورو، كما اختير كأفضل لاعب في دوري الأبطال.
وبفوزه بالكرة الذهبية حقق رودري ثلاثة أرقام قياسية هي:
- أصبح أول لاعب في تاريخ مانشستر سيتي يحصل على الجائزة.
- أول لاعب إسباني يحصل على الجائزة منذ ألفريدو دي ستيفانو الذي حصل عليها عام 1960.
- أول لاعب في الدوري الإنجليزي يفوز بالجائزة منذ كريستيانو رونالدو حين كان لاعباً في مانشستر يونايتد عام 2008.
لكن يرى العديد من المحللين أن فينيسيوس يستحق الجائزة بفضل أدائه الهجومي الحاسم، وقدرته على التأثير المباشر في نتائج المباريات المهمة، خاصة في ظل توقعات بأن يُصبح أحد أساطير كرة القدم البرازيلي مثل رونالدو ورونالدينيو وكاكا.
وكتب فينيسيوس، بعد خسارته الجائزة: “سأفعل ذلك 10 مرات إذا اضطررت لذلك. إنهم غير مستعدين”.
وشرح فريقه المعاون لوكالة “رويترز” ما عناه في تغريدته بالإشارة إلى معركته ضد العنصرية، حيث أنها كانت السبب في عدم فوزه بالجائزة، وأضافوا: “عالم كرة القدم ليس مستعداً لقبول لاعب يقاتل ضد النظام”.
وسبق أن تعرض النجم البرازيلي لإساءات عنصرية في عدة مناسبات لاسيما الموسم الماضي، مما أدى إلى إدانة شخصين على الأقل بتهمة الإهانات العنصرية في إسبانيا.
لماذا الجدل؟
وأشعلت وسائل الإعلام الرياضية النقاشات حول الجائزة مع التركيز على سؤال هام: هل تؤخذ الألقاب الجماعية كمعيار أساسي في الاختيار، أم يجب التركيز على الأداء الفردي لكل لاعب على حدة.
وفي هذا السياق يقول المحلل الرياضي عبدالله طعمة لـ”الخليج أونلاين”:
-
دائماً ما يترافق الجدل مع الكرة الذهبية لكن هذه المرة ومع فوز رودري وإقصاء فينيسوس كان الجدل أكبر بكثير من المرات السابقة.
-
هذا الجدل جاء لاسيما أن فينيسيوس قدم موسماً استثنائياً كبيراً على الصعيد الفردي حيث ساهم في فوز ريال مدريد في جميع البطولات من ناحية التسجيل وصناعة الأهداف.
-
فينيسوس كان يستحق الجائزة من ناحية الأرقام بكل المقاييس، أيضاً يستحقها من الناحية الإعلامية حيث كان في قمة قيمته السوقية ومتواجد في جميع المباريات.
-
لكن كان رودري منافساً قوياً لفنسيوس لاسيما أنه قدم أداءً جيداً مع مانشستر سيتي، ومنذ مدة طويلة لم يفز لاعب في الدوري الإنجليزي أو إسباني بالجائزة ولكن لم يكن بالحسبان أن يفوز على النجم البرازيلي.
-
الجديد في هذا العام بالكرة الذهبية وجود تعاون لأول مرة بين “فرانس فوتبول” والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بالتزامن مع مشاكل معلنة وليست خفية بينه وبين ريال مدريد لعدة قضايا وعلى رأسها قضية “السوبر ليج”.
-
هذه الخلافات قد تكون لها دور في عدم فوز فينيسيوس، لكن بالمقابل رودري غير مذنب لأنه لاعب ممتاز وكبير ويستحق الكرة الذهبية، لكن كان يستحقها الموسم الماضي، حيث قدم موسماً رائعاً على الصعيد الفردي وشارك تقريباً في كل المباريات.
-
الجدل الراهن سيكون نقطة إنطلاقة لتغيير مفاهيم الكرة الذهبية مع الوقت أو ربما إندثار الجائزة.
-
سيكون فينيسيوس الآن شخصية ريال مدريد وسيحقق تعاطفاً وجماهيرية أكبر، ومن الممكن أن يقدم مستوى فردي كمان عالي ويحقق الكرة الذهبية.
-
لكن الجوائز الفردية مهمة، لكن لا تعني الكثير مقارنة بالجوائز الجماعية للنادي أو المنتخب.
-
بسبب عدم وجود معايير واضحة لمنح الكرة الذهبية، إذ تختلف طرق التصويت من موسم لآخر فإن الجدل مستمر، هل المعايير هي الأرقام الفردية؟ أم البطولات؟، إلا في حال وجود ما يمكن تسميته بـ”لاعب توافقي” غير صدامي مع الجماهير.
-
إذا كانت البطولات هي المعايير فكارفخال حققها، وإذا كانت المعايير هي الأرقام الفردية ففينيسيوس، الموسم الماضي كان من الممكن أن يحققها رودري.
-
اللاعب جورجينيو فاز مع إيطاليا بكأس أمم أوروبا 2020 ومع تيشيلسي بدوري الأبطال، أي بكل البطولات الممكنة، ومع ذلك لم يفز بالجائزة، وبالتالي المشكلة هي بمعايير الكرة الذهبية.
-
ما أشعل الجدل أكثر هو القوة الإعلامية لريال مدريد هذه المرة، وأيضاً لوحظ غياب كبار النجوم عن الحفل على غير العادة بسبب مقاطعة ريال مدريد.
-
عدم حضور ريال مدريد قلل من أهمية الحفل، وهذا مؤشر على الظلم الذي تعرض له فينيسوس.
مستقبل الجائزة وجدل متجدد
ويبدو أن هذه القضايا قد تؤثر على مصداقية الجائزة في المستقبل، حيث طالب بعض المحللين بتطوير نظام الاختيار وإيجاد معايير أكثر شفافية لضمان تحقيق العدالة في الفوز.
كما أن التشكيك في نزاهة الجائزة الذهبية لم يبدأ من هذا العام، بل يعود إلى منحها للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في فترات لم يكن خلالها في قمة تألقه، على حساب آخرين.
حيث عزا كثيرون هذا التفضيل لميسي لأسباب تجارية وإعلامية بسبب شهرته وشعبيته، مما جعل قرارات الجائزة عرضة للتشكيك والجدل لاسيما في الفترات التالية:
-
عام 2010: رغم أن ميسي قدم موسمًا مميزًا مع برشلونة، إلا أن إنجازات لاعبين مثل الإسبانيين تشافي وإنييستا اللذين حققا كأس العالم مع إسبانيا، جعلت البعض يرون أن أياً منهما كان أكثر استحقاقًا للجائزة.
-
عام 2019: فاز ميسي بالكرة الذهبية للمرة السادسة، ولكن الكثيرين رأوا أن الهولندي فيرجيل فان دايك، الذي قاد ليفربول لتحقيق دوري أبطال أوروبا والذي لعب دوراً كبيراً في الأداء الدفاعي المتميز للفريق، كان يستحق الجائزة عن جدارة.
-
عام 2021: كان هناك استياء كبير عندما حصل ميسي على الكرة الذهبية، حيث كان البولندي روبرت ليفاندوفسكي المرشح الأبرز للجائزة، بعد أن سجل 53 هدفاً وحقق إنجازات فردية كبيرة مع بايرن ميونخ الألماني، فيما لم يكن موسم ميسي بذات الألق حينها.