الاخبار

ترامب وسياسة السلام المفقود.. هل كان سيمنع الحرب في غزة ولبنان؟

تعتمد رؤية ترامب للسلام في المنطقة على أساس ما حققه خلال فترة رئاسته وخاصة توقيع “اتفاقيات أبراهام” التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وعدد من الدول العربية

منذ انتهاء ولايته كرئيس للولايات المتحدة واصل دونالد ترامب التحدث عن قضايا الشرق الأوسط، مؤكداً أنه لو كان في السلطة لما اندلعت الحروب الأخيرة في غزة ولبنان.

يرى ترامب الذي يطمح للعودة إلى البيت الأبيض في نوفمبر المقبل، أن سياسته الخارجية التي ارتكزت على الضغط الاقتصادي على إيران وتوسيع العلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية، كانت قادرة على منع أية حروب في المنطقة.

كما تعتمد رؤيته للسلام في المنطقة على أساس ما حققه خلال فترة رئاسته، وخاصة توقيع “اتفاقيات أبراهام” التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وعدد من الدول العربية.

سياسة ترامب

خلال فترة رئاسته (2017 – 2021)، اعتمد ترامب سياسة خارجية تقوم على تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والدول الحليفة في الشرق الأوسط، خاصة “إسرائيل” والدول الخليجية.

قاد ذلك إلى توقيع “اتفاقيات أبراهام” في 2020، التي تمثل حجر الزاوية لجهود ترامب في تحقيق السلام في المنطقة، وبموجبها قامت الإمارات العربية المتحدة والبحرين بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، وهي خطوة تاريخية كانت تستهدف تخفيف التوترات وإقامة علاقات اقتصادية ودبلوماسية.

وفي تصريحات بعد انتهاء رئاسته، أكد ترامب أن هذه الاتفاقيات كانت البداية لمرحلة جديدة من الاستقرار في المنطقة، حيث قال: “اتفاقيات أبراهام هي أكبر إنجاز في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ولو استمرت وتوسعت، لكان يمكن منع الحروب الحالية”.

كما أن أحد العوامل المحورية في سياسة ترامب بالشرق الأوسط كان الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 2018 واتباع سياسة “الضغط الأقصى” من خلال فرض عقوبات اقتصادية خانقة على إيران.

وكان هدفه من هذه الخطوة تقليص نفوذ إيران في المنطقة، حيث تدعم طهران فصائل مسلحة مثل “حزب الله” و”حماس” والحشد الشعبي” و”الحوثي” نظام بشار الأسد، حيث اعتبر الرئيس الأمريكي السابق أن استمرار وجود إيران كقوة إقليمية صاعدة يغذي النزاعات المسلحة في المنطقة.

وفي مقابلة مع “فوكس نيوز” بعد انطلاق الحرب في غزة في أكتوبر 2023 قال ترامب: “إيران كانت ستنهار تحت ضغط العقوبات لو استمرينا، وهذا يعني أن وكلاءها في لبنان وغزة، مثل حزب الله وحماس، لم يكن لهم القوة التي يملكونها اليوم”.

ما الخيارات أمامه؟

يرى ترامب “إسرائيل” كحليف استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط، إذ يعتبر أن تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين سيكون قدراً على مواجهة التهديدات المشتركة.

ترامب كرر مراراً أن إسرائيل لها الحق الكامل في الدفاع عن نفسها ضد أي تهديدات. سواء كان ذلك في مواجهة الهجمات الصاروخية من غزة أو التهديدات من حزب الله في لبنان، كان موقف ترامب ثابتاً في تأييد أي إجراءات تقوم بها إسرائيل للدفاع عن أمنها.

ولذلك سيكون الحفاظ على أمن “إسرائيل” في صميم أولوياته كرئيس في ولايته الثانية في حال فوزه، خاصة أن حظوظه ترتفع حيث حقق تقدماً طفيفاً على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في 3 ولايات متأرجحة يسعى لقلب نتائجها، وفقاً لبيانات استطلاعية جديدة نقلتها مجلة “نيوزويك” (21 أكتوبر).

وخلال فترة حكمه، كان لدى ترامب علاقة شخصية قوية مع نتنياهو، والتي انعكست على التعاون بين البلدين وتقوية العلاقات، وظهر ذلك من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وبالجولان السوري أرض إسرائيلية.

وقال في أغسطس الماضي، إنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهاء الحرب على غزة في أسرع وقت، لكنه انتقد أيضا دعوات وقف إطلاق النار دون تحقيق “إسرائيل” لأهدافها العسكرية منها والنصر الكامل.

وفي تصريح له لبرنامج “هيو هيويت شو” في أكتوبر الماضي، أكد ترامب أنه كان سيمنع الحرب في غزة من خلال الضغط على “حماس” وإيران، عبر زيادة الدعم العسكري لإسرائيل لردع أي هجمات من غزة، وتشديد العقوبات على إيران وحرمانها من الموارد التي تقدمها لـ”حماس” و”حزب الله”، وتقديم دعم مباشر للجيش اللبناني لزيادة قدراته العسكرية.

ترامب ليس ساحراً

لكن المستشار في الأمم المتحدة، منير سيف الدين، كان له وجه نظر مختلفة قال فيها، إن “وجود ترامب في رئاسة الولايات المتحدة لم يكن ليمنع نشوب الحرب الحالية في غزة ولبنان فهو ليس ساحراً”، مشيراً إلى أن الصراعات في المنطقة أعمق من أن تُحسم بتغيّر سياسات أي إدارة أمريكية.

وقال سيف الدين في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن “سياسات ترامب خلال فترة رئاسته (2017-2021) كانت قائمة على دعم قوي لإسرائيل، كما يتضح من قراراته مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان”.

وأضاف: “هذه الخطوات عززت دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، لكنها أثارت استياء كبيراً لدى الفلسطينيين، ما زاد من تعقيد الأوضاع في المنطقة”.

وتابع أن “سياسة الضغط الأقصى التي اتبعها ترامب تجاه إيران، بما في ذلك انسحابه من الاتفاق النووي وفرض عقوبات صارمة، أدت إلى تصاعد التوترات مع طهران وزيادة دعمها للفصائل المسلحة في غزة ولبنان”.

وقال الباحث في الاقتصاد السياسي: “لو كان ترامب رئيساً لدفعت سياساته باتجاه فرض مزيد من الضغوط على إيران، ولكن هذا كان سيزيد من احتمالات التصعيد العسكري بدلاً من تهدئة الأوضاع”.

وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية  الحالية برئاسة جو بايدن تتبنى نهجاً أكثر دبلوماسية في التعامل مع إيران، محاولاً التفاوض وإعادة تفعيل الاتفاق النووي، ولكنها لم تنجح في منع الانفجار الأخير للأوضاع في غزة ولبنان.

وذكر أن “عدم الثقة بين القيادة الفلسطينية وواشنطن خلال فترة ترامب جعل من الصعب التوصل إلى أي حلول سياسية، وحتى لو كان ترامب لا يزال في السلطة، فإن قدرة أمريكا على الضغط لوقف التصعيد كانت ستتأثر بهذا العامل”.

واعتبر سيف الدين أن “الوضع في المنطقة معقد للغاية، ومهما كانت السياسات الأمريكية، فإن النزاعات في غزة ولبنان لها جذور أعمق تتطلب حلًا شاملاً يتجاوز تأثير أي إدارة أمريكية واحدة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى