الاخبار

“خلال قرن”.. كيف تطورت البنوك والمصارف في السعودية؟

متى بدأت مسيرة البنوك التجارية في السعودية؟

عام 1926.

ما هي أبرز محطات التحول الرقمي للمصارف؟

إطلاق “نظام سداد”.

شهد القطاع المصرفي السعودي تغيّرات جذرية على مدى القرن الماضي، متحولاً من نظام تقليدي يعتمد على المبادلات النقدية البسيطة إلى شبكة مالية متقدمة تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد المحلي والعالمي.

,أسهمت التطورات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية في تعزيز هذا التحول، ما جعل البنوك السعودية من بين المؤسسات الأكثر تأثيراً في المنطقة.

البدايات

قبل اكتشاف النفط في السعودية، كان الاقتصاد يعتمد بشكل أساسي على التجارة التقليدية والحرف اليدوية، ولم تكن هناك مؤسسات مالية رسمية لتحويل الأموال، وكانت تتم عبر وسطاء تجاريين.

ومع اكتشاف النفط في الثلاثينيات من القرن الماضي، بدأت المملكة تشهد تدفقات مالية كبيرة، ما أدى إلى الحاجة المتزايدة لإنشاء نظام مالي رسمي لإدارة هذه التدفقات، وقد تم ذلك من خلال تأسيس أول البنوك الأجنبية وهو “البنك البريطاني للشرق الأوسط”، قبل أن تتطور الحاجة إلى بنوك محلية لإدارة شؤون البلاد المالية بشكل أكثر استقلالية.

وذكرت صحيفة “الاقتصادية” السعودية أن مسيرة البنوك التجارية في المملكة بدأت عام 1926 مع تأسيس “الشركة الهولندية التجارية” التي افتتحت أول فرع لها في المملكة، ولاحقاً، تغيّر اسمها إلى “بنك هولندا العام”.

وعلى مدار العقود التالية، شهدت البلاد افتتاح فروع لعدة بنوك دولية، مثل “اندوشين بنك” في عام 1947، و”البنك العربي المحدود” في 1949، و”البنك البريطاني للشرق الأوسط” في 1950.

وساهمت هذه الفروع في تلبية احتياجات السوق الناشئة آنذاك، لكنها أيضاً عكست هيمنة البنوك الأجنبية على النظام المالي في تلك الفترة.

وفي الخمسينيات، بدأ التركيز على تأسيس بنوك محلية، لتعزيز الاقتصاد الوطني والحد من الاعتماد على البنوك الأجنبية.

وكان “البنك الأهلي التجاري”، الذي تأسس عام 1953، من أوائل المؤسسات المصرفية السعودية التي ظهرت على الساحة، يليه “بنك الرياض” و”البنك الوطني السعودي” في عام 1957.

كما لعبت هذه البنوك دوراً مهماً في تعزيز الثقة بالنظام المصرفي المحلي، وتقديم خدمات مالية تتناسب مع احتياجات السوق السعودية.

ومع حلول السبعينيات، برزت الحاجة لتعزيز السيطرة السعودية على القطاع المصرفي، ما أدى إلى إطلاق برنامج “سعودة” فروع البنوك الأجنبية في عام 1975.

وشهدت الفترة من 1975 إلى 1980 تحولاً كبيراً في هيكلية البنوك الأجنبية العاملة في المملكة، وحولت العديد من هذه الفروع إلى شركات مساهمة سعودية، مثل تحويل “بنك هولندا العام” إلى “البنك السعودي الهولندي” عام 1976، و”اندوشين بنك” إلى “البنك السعودي الفرنسي” عام 1977، و”البنك البريطاني للشرق الأوسط” إلى “البنك السعودي البريطاني” عام 1978.

وفي الثمانينيات والتسعينيات، شهدت السعودية طفرة اقتصادية هائلة بفضل الزيادة الكبيرة في أسعار النفط، وأدى هذا الازدهار إلى توسع هائل في القطاع المصرفي، حيث بدأت البنوك في تقديم خدمات مالية متطورة كالتمويل العقاري، والتمويل التجاري، والخدمات الاستثمارية.

نمو هائل

دخل القطاع المصرفي في السعودية مرحلة من النمو والتوسع خلال الأعوام الأخيرة، تجسدت في زيادة حجم الأصول وتوسيع محافظ الإقراض بشكل ملحوظ.

ولم يقتصر هذا النمو على الجانب المالي فحسب، بل شمل أيضاً اعتماداً واسعاً على التقنيات الحديثة، إلى جانب استثمارات مكثفة في شركات التكنولوجيا المالية “الفنتك”، التي شهدت تزايداً ملحوظاً في عددها داخل المملكة.

وظهر تطور سريع في مجالات مثل الاتصالات وتقنية المعلومات وبرمجيات الحاسب، إلى جانب التنافس الكبير في تقديم وتنوع الخدمات المالية والمصرفية، والتدفق السريع والكبير لرؤوس الأموال، وانفتاح الأسواق على بعضها البعض، واعتماد معايير دولية في مجالات الرقابة والشفافية.

كما شهدت أصول المصارف التجارية في المملكة نمواً كبيراً خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث ارتفعت من نحو 800 مليون دولار في عام 1970 إلى 831 مليار دولار بنهاية يوليو 2021، حسب صحيفة “اليوم” السعودية.

وسجلت الودائع المصرفية نمواً مستداماً، وفقاً للصحيفة، إذ حققت معدل نمو سنوي بلغ 44.4% خلال السبعينيات نتيجة الإنفاق الحكومي الضخم على مشاريع التنمية، فيما تراجع هذا المعدل إلى 8.1% في الثمانينيات، ثم إلى 6.4% خلال التسعينيات.

وبين عامي 1970 والربع الأول من 2003، ارتفعت الودائع من حوالي 533 مليون دولار إلى 89 مليار دولار، لتصل حالياً إلى 544 مليار دولار بنهاية يوليو 2021.

وخلال الفترة الممتدة من عام 2018 حتى نهاية أبريل 2024، شهدت قيمة استثمارات الأجانب في سوق الأسهم السعودية ارتفاعاً كبيراً، حيث قفزت بنحو 400% لتصل إلى ما يقارب 109 مليارات دولار.

1

تصنيفات مرتفعة

تصدرت البنوك السعودية القائمة السنوية لأفضل 50 بنكاً في منطقة الشرق الأوسط لعام 2023، حيث شملت القائمة 10 بنوك سعودية بقيمة سوقية إجمالية بلغت 223.5 مليار دولار.

احتل مصرف الراجحي المرتبة الأولى بقيمة سوقية تجاوزت 75 مليار دولار، تلاه البنك الأهلي السعودي بقيمة 56.4 مليار دولار، وأوضحت مجلة “فوربس” الأمريكية أن البنوك السعودية والخليجية تتمتع بالحصانة ضد الاضطرابات المالية التي تواجهها البنوك العالمية.

وأعلنت وكالة فيتش” في 5 أبريل الماضي، عن ترقية تصنيفات 8 بنوك سعودية إلى مستوى “A-”  من  “BBB+”، وذلك بعد قيامها مؤخراً برفع التصنيف السيادي للمملكة.

من جانبها، قامت وكالة “إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية” في 29 مارس الماضي، بترقية تصنيف مصرف الراجحي، والبنك العربي الوطني، وبنك الرياض، والبنك السعودي الفرنسي، وتثبيت تصنيفاتها الائتمانية للبنك الأهلي السعودي والبنك السعودي للاستثمار.

ويقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور: “نظراً لتطورات القطاع المصرفي في السعودية؛ لابدّ في البداية من دراسة خصوصية هذا القطاع ومميزاته، ومن ثم النظر في واقع الحال”.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن “تنظيم المصارف تحت ضوابط الشريعة الإسلامية تعطي ميزة تنافسية أيدلوجية كبيرة للقطاع المصرفي أمام البنوك التجارية، وتعطي كذلك مساحة استقرار كبير لدى إدارة البنوك، نظراً لانخفاض مخاطر إدارة الودائع والقروض في آن معاً”.

كما يوضح الهور أن “حجم السيولة الضخم المتدفق يأتي من الاقتصاد الريعي الحكومي إلى البنوك عبر مشاريع الموازنة للدولة، سواء بالإنفاق المباشر للرواتب والأجور أو عبر تنفيذ مشاريع الدولة من خلال المقاولين المتعاونين”.

ويشير إلى أن “نمو القطاع المصرفي يتوافق مع حجم الإنفاق الحكومي والإقراض الضخمين في المملكة، وهذا يدفع إلى استنتاج مهم وهو تحول القطاع المصرفي السعودي للمنافسة الدولية و قدرته على المنافسة بعيداً عن الأيدلوجية”.

كما يؤكد الهور أن “تحول القطاع يعتمد على جودة الخدمات، وأهمية وأثر ذلك على الاقتصاد المحلي السعودي، والذي سيكون له أثر إيجابي كبير على الاقتصاد المحلي”.

التكنولوجيا المالية

ومع دخول الألفية الجديدة، اتجه القطاع المصرفي في السعودية نحو التكنولوجيا المالية والرقمنة، وبدأت البنوك السعودية تتبنى التكنولوجيا الحديثة لتقديم خدمات مصرفية عبر الإنترنت والجوال، ما ساهم في تسهيل العمليات المالية وتوفير الوقت والجهد للعملاء.

أحد أبرز المحطات في هذا التحول هو إطلاق “نظام سداد” في عام 2004، وهو نظام مدفوعات إلكتروني يتيح للعملاء تسديد فواتيرهم والمدفوعات الحكومية إلكترونياً، وقد هذا النظام ساهم بشكل كبير في تحسين مستوى الشفافية المالية وتيسير الخدمات المصرفية للعملاء.

كما بدأت البنوك السعودية تتوجه نحو تمويل الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية (Fintech)، ما ساهم في دعم الابتكار وتعزيز النظام المالي.

وأطلقت مؤسسة النقد العربي السعودي العديد من المبادرات لدعم التحول الرقمي في القطاع المصرفي، ما ساهم في جعل البنوك السعودية من بين الأكثر تطوراً على مستوى المنطقة.

وفي المستقبل، من المتوقع أن تستمر البنوك السعودية في مواجهة التحديات والفرص الناشئة عن الاقتصاد الرقمي والتحول العالمي نحو الاستدامة، مما يتطلب من هذه المؤسسات مرونة واستعداداً للتكيف مع المستجدات للحفاظ على دورها القيادي في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى