كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في حماية الفضاء من مخاطر الأقمار الاصطناعية؟
وصل عدد الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض إلى مستوى قياسي العام الماضي، مما أثار قلق علماء الفلك والخبراء بشأن احتمال وقوع تصادمات وتكوين حطام فضائي خطير.
وقد أظهر تقرير حديث وجود ارتفاع كبير في عدد الأقمار الاصطناعية، إذ أُطلق ما يصل إلى 2877 قمر صناعي في المدار الأرضي في عام 2023، ويمثل ذلك زيادة بنسبة بلغت 15% مقارنة بالعام الماضي، وبذلك ارتفع العدد الإجمالي للأقمار الاصطناعية في المدار إلى 12597 قمر صناعي بحلول نهاية عام 2023.
وكشف التقرير أيضًا وجود أكثر من 91% من الأقمار الاصطناعية حول الكوكب في مدار أرضي منخفض (LEO)، وتشكل الأقمار الاصطناعية المخصصة للاتصالات، مثل مجموعات Starlink و SpaceX، ما يقرب من 80% من إجمالي هذه الأقمار.
ولكن المشكلة التي أظهرها التقرير، هي وجود أكثر من 3300 قمر صناعي غير نشيط يدور حول الأرض، وتشغل هذه الأقمار مساحة كبيرة، الأمر الذي يجعلها تشكل مخاطر جديدة على سلامة الفضاء واستدامته.
لذلك حذر علماء الفلك من أن انتشار الأقمار الاصطناعية في الفضاء يعيق عمليات المراقبة والرصد باستخدام التلسكوبات، إذ تُسبب حزم الأقمار الاصطناعية الجديدة، مثل ستارلينك، أضواء تعطل الرصد الفلكي.
وقد أظهرت دراسة جديدة أن ما يصل إلى 2.7% من صور تلسكوب هابل الفضائي تعوقها الأقمار الاصطناعية، التي تترك آثار مرورها على الصور، ومن المتوقع زيادة هذه النسبة في المستقبل مع زيادة عدد الأقمار الاصطناعية.
ومن ثم، أكد علماء الفلك والخبراء أن الفضاء يعاني من مشكلة خطيرة، وطالبوا بإيجاد حلول لها بسرعة، وهنا لجأ العلماء إلى الذكاء الاصطناعي للبحث عن حلول.
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في التغلب على مخاطر الأقمار الاصطناعية؟
طورت شركة (Slingshot Aerospace) نظام ذكاء اصطناعي جديد يُسمى (أجاثا) Agatha، قادر على رصد الأقمار الاصطناعية التي تُظهر سلوكًا غريبًا في مدار الأرض، واستنتاج مدى خطورتها، الأمر الذي يمثل طفرة في مجال الفضاء.
وتزداد أهمية هذا النظام مع ازدحام الفضاء بالأقمار الاصطناعية، حيث تخطط الشركات لإطلاق مجموعات ضخمة منها خلال السنوات القادمة، بينما تعزز الحكومات استثماراتها في أدوات الحرب الإلكترونية الفضائية وأسلحة مكافحة الأقمار الاصطناعية.
وتؤكد أودري شافير، نائبة رئيس الإستراتيجية والسياسة في شركة (Slingshot Aerospace)، المطورة للنظام بتمويل من وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (داربا)، ضرورة معالجة هذه التحديات الأمنية على المدى القريب.
كيف يعمل نظام أجاثا؟
يستطيع نظام أجاثا تميز السلوك غير المعتاد للأقمار الاصطناعية، مما قد يشير إلى تغيير في مهامها أو أعطال محتملة، ولكن الهدف من النظام ليس رصد سلوك قمر صناعي واحد فقط، بل تحليل سلوكه مقارنةً بسلوك باقي الأقمار الاصطناعية في المجموعة، بحثًا عن أي اختلافات قد تشير إلى حمولة غير عادية أو أنشطة مشبوهة.
ويمكن لنظام أجاثا أيضًا اكتشاف أنماط الاتصالات غير العادية، فعلى سبيل المثال: قد يقتصر تواصل قمر صناعي للتجسس على عدد قليل من المحطات الأرضية في بلد معين أو دول حليفة له، بدلًا من الاتصال مع المحطات حول العالم كما هو الحال مع الأقمار الصناعية العادية.
الأقمار الاصطناعية وتحديات البيانات:
تُعدّ مجموعات الأقمار الاصطناعية من العناصر الجديدة نسبيًا في الفضاء، مما يعني أن الفريق في شركة (Slingshot) لم يكن لديه كميات هائلة من البيانات لتدريب خوارزميات النظام.
وقد أوضح ديلان كيسلر، مدير قسم علوم البيانات والذكاء الاصطناعي في شركة (Slingshot)، أنهم تغلبوا على هذا التحدي، بمحاكاة بيانات مجموعة من الأقمار الاصطناعية التي يبلغ عمرها 60 عامًا من خلال إنشاء بيئات أقمار اصطناعية افتراضية، ثم وضعوا فيها أقمار تعمل على تغيير مهامها وتعاني من أعطال للمحاكاة، ودربوا نظام الذكاء الاصطناعي على تلك البيانات.
بعد ذلك، اُختبر النظام على بيانات واقعية لمعرفة هل بإمكانه تحديد السلوك غير المعتاد للأقمار الاصطناعية، التي أكد مشغلوها لاحقًا أنها تقوم بتغيير مهامها أو تعاني من أعطال، وقد نجح النظام في ذلك.
ويعتمد نظام أجاثا على تقنيات حديثة لتحليل بيانات الأقمار الاصطناعية، منها: التعلم المعزز العكسي (IRL)، وهي تقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقييم السلوكيات وتحديد سياسات ونوايا الكائنات التي تتبعها، وتتخطى هذه التقنية مجرد تحديد المناورات الشاذة الفردية، بل تركز في الإجابة عن أسئلة إستراتيجية حول دوافع الأقمار الاصطناعية ونواياها.
وعلاوة على ذلك، لا يتطلب النظام توجيهات، إذ يمتلك نموذجًا محايدًا للبيانات يحلل كميات ضخمة من بيانات الفضاء، ثم يكتشف الشذوذ تلقائيًا دون الحاجة إلى تلميحات محددة.
أهم استخدامات نظام أجاثا:
- الأمن القومي: يمكن استخدام النظام لمراقبة الأقمار الاصطناعية المعادية وتحديد أي تهديدات محتملة.
- تتبع الفضاء: يمكن استخدام النظام لمراقبة حركة الأقمار الاصطناعية وتحديد أي أعطال أو انحرافات عن مسارها.
- البحث العلمي: يمكن استخدام النظام لفهم سلوكيات الأقمار الاصطناعية بنحو أفضل وتحسين تقنيات الفضاء.
الخلاصة:
يُعدّ نظام أجاثا للذكاء الاصطناعي أداة قوية لفهم سلوكيات الأقمار الاصطناعية ونواياها بنحو أفضل، مما يساهم في تحسين سلامة الفضاء واكتشاف التهديدات المحتملة وتعزيز التعاون الدولي في مجال الفضاء.