تقنيات جديدة تجلب حاسّة اللمس إلى الواقع الافتراضي
بالرغم من التطور المتسارع الذي تشهده تقنيات الواقع الافتراضي، إلا أنها ما زالت بعيدة عن تجربة “الواقع الغامر” التي تأمل الشركات المطوّرة للتقنية بالوصول إليها في المُستقبل. حيث يتحدث المتحمّسون للتقنية عن مُستقبلٍ يصعب فيه تمييز الواقع من الخيال عند ارتداء نظارات الواقع الافتراضي. والحديث هنا عن عالم خيالي يُمكن فيه للمُستخدم التجوّل في شوارع افتراضية، والالتقاء والتفاعل مع الآخرين، والعمل والدراسة والتسوّق بطريقة تُحاكي طريقة تفاعلنا اليومية مع عالمنا الحقيقي.
لكن ما زال على تقنيات الواقع الافتراضي حل الكثير من المشكلات للوصول إلى تلك النقطة، منها جعل النظارات نفسها أصغر وأخف وزنًا بحيث لا يُشكل ارتداؤها لفترات طويلة عبئًا على المُستخدم، وتزويدها بشاشات ذات دقة أعلى لتقديم صورة هي أقرب ما يُمكن إلى الواقع، وتحسينها عتاديًا من حيث قوّة مُعالجة الصور والمعلومات.
وقد شهدت تقنيات الواقع الافتراضي تحسينات كبيرة على الأصعدة المذكورة خلال السنوات الماضية، وما زال هذا التحسُّن مُستمرًا مع كل جيل جديد يتم طرحه منها. لكنّ من أجل الوصول إلى تجربة أكثر إقناعًا وتحاكي الواقع الحقيقي، ما زال على مطوّري تلك التقنية حل مشكلة رئيسية وهي كيفية نقل حاسّة اللمس من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي.
مع كل التطورات التي تشهدها تقنيات الواقع الافتراضي، يبقى التفاعل مع هذا العالم مُقتصرًا على الصورة والصوت. لكن يتم حاليًا تطوير العديد من التقنيات والحلول المُقترحة التي ستسمح للمستخدمين التفاعل مع العناصر الافتراضية عبر إمساكها وتحريكها والشعور بملمسها.
وتتنوع التقنيات التي يتم تطويرها حاليًا ما بين القفازات إلى البدلات الكاملة المزودة بما يُعرف بالمُحرّكات اللمسية Haptic Actuator التي تُعطي للمُستخدم إحساس اللمس عبر جعل العناصر الافتراضية قادرةً على إطلاق مُحفّزات كهربية أو ضغطية بطريقة تُعطي الإحساس المطلوب.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وتعمل عدة شركات حاليًا على تطوير هذه التقنية، من بينها شركة Owo Game الإسبانية التي طرحت قميصًا يمكن ارتداؤه على البشرة مُباشرةً يقوم بعمل تحفيز كهربائي بتغييرات مختلفة من التيّار على منطقتي الصدر والجذع لتوليد لسعات كهربائية خفيفة ومدروسة يمكن أن تؤدي كذلك حسب الحاجة إلى تقليص بعض العضلات بهدف إعطاء شعور تلقّي الرصاص والطعنات أو الانفجارات في الألعاب.
وفي الولايات المتحدة تعمل شركة تُدعى HaptX على تطوير قفازات يمكن أن تُعطي مُرتديها شعورًا دقيقًا بملمس الأشياء. وتعتمد القفازات التي تطورها الشركة على تقنية مُختلفة تقول أنها أكثر دقة وواقعية من التيار الكهربائي. وتقوم هذه التقنية على شبكة من الأنابيب التي تحتوي على مجموعة دقيقة من البالونات التي يصل عددها إلى 135 بالونًا في كل قفاز. ويتم عبر الأنابيب دفع الهواء لملئ البالونات وتفريغها بطريقة مدروسة لإعطاء إحساس لمس مُختلف بحسب العنصر الذي يتم لمسه. كما تحتوي أصابع القفاز على آلية توقف حركة الأصابع بطريقة تُحاكي حركة إمساك الأجسام. وتقول الشركة أن القفازات لن تكون التطبيق الوحيد لهذه التقنية، إذ لديها مخططات لصناعة بدلات لكامل الجسم.
ومن الجدير بالذكر أن الأجهزة المذكورة ما زالت متوفرة بشكل محدود وموجّه للشركات المطوّرة للألعاب، لكن من المتوقع أن يشهد السوق خلال السنوات القليلة القادمة المزيد من أجهزة وتقنيات الإحساس اللمسي بأسعار في متناول المستهلك العادي واعتمادًا على تقنيات متنوعة. ورغم أن التوجّه المبدئي لمثل هذه الأجهزة هو الألعاب إلّا أنها ستكون مُستخدمة مُستقبلًا في كافّة تطبيقات الواقع الافتراضي المختلفة.
ويُذكر أن فريقًا من الباحثين كان قد أعلن الأسبوع الماضي عن تطوير تقنية تسمح بإنتاج شاشات بالغة الدقة يمكن استخدامها في نظارات الواقع الافتراضي لتقديم صورة بوضوح لا يمكن تمييزه عن الواقع.