تريندات

بما شبه الله الذين لم يعملوا بكتبهم

جدول ال

بما شبه الله الذين لم يعملوا بكتبهم ، سؤال لا بدّ من الإجابة عنه، فقد خالف الكثير من الأمم السابقة تعاليم الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى عليهم، وحرفوا فيبها وكتبوها كما تُملي عليهم أهواؤهم، فشببهم الله تعالى في القرآن بتشبيه معين سنعرفه في هذا المقال وسنعرف ما معناه.

الغاية من إنزال الكتب السماوية

قبل أن نعرف الإجابة عن السؤال: بما شبه الله الذين لم يعملوا بكتبهم ، من الجيد أن نعرف ما الحكمة من إنزال الكتب السماوية ليس على سبيل التشكيك وهذا شيء أكيد، بل على سبيل الإيضاح والشرح، فالإيمان بالكتب السماوية هو أحد أركان الإيمان الذي لا يكتمل إيمان المرء إلّا به، وقد أنزل الله تعالى الكتب السماويّة حتى تكون الحجة على خلقة، فلا يقولوا:مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ[1]؛ ولذلك أرسل الله تعالى رسله ومعهم البينات التي كتبت في الكتب السماوية حتّى يقطع طريق هذا العذر على البشر، ويُقيم الحجة على خلقه بالتكليف، فينجو من نجى على بينة ويهلك من هلك على بينة، وجاء ذلك في قوله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا[2]، وقد قال الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي مُعلقًا على الآية الكريمة السابقة: “نعلم أن لله علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل”.[3]

بما شبه الله الذين لم يعملوا بكتبهم

في الإجابة عن السؤال: بما شبه الله الذين لم يعملوا بكتبهم ، فالإجابة في قوله تعالى في سورة الجمعة: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[4]؛ أيّ أنّ الله تعالى شبههم بالحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفارًا من كتب العلم، وقد ضرب الله تعالى هذا المثل للمسلمين أمّة رسوله الكريم محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وكان المثل عن علماء النصارى واليهود الذي عرفوا التوارة والأنجيل وأحكامهم في ذلك الزمن، فلم يعملوا بها بعد أن عرفوها حقّ المعرفة، ولم يطبقوا الأحكام التي أنزلها الله تعالى في تلك الكتب، ولم يؤمنوا بالعقائد الصحيحة التي تتعلق بالتوحيد والإيمان بالله تعالى وحده لا شريك الله، بل حرفوها وكتبوا وفق أهوائهم، فوصفهم الله تعالى بالحمير الأعجمية التي تحمل الكتب على ظهرها ولا تفقه منها شيئًا، وفي ذلك تحذير واضح لأمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، أن يتدبروا القرآن الكريم ويطبقوا أحكامه وما جاء به من الأحكام والتشريعات.[5] 

ما معنى أسفارا

بعد أن عرفنا بما شبه الله تعالى الأقوام الذي لم يعملوا بكتبهم من النصارى واليهود وغيرهم وكان ذلك في قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا[4]، فمن الجيد أن نعرف ما هي الأسفار وهي جمع سِفر، والسِفر هو الكتاب العظيم الممتلئ علمًا، فشبه الله تعالى الأقوام التي نزلت لهم الكتب السماوية ولم يعملوا بها ولم يطبقوا أحكامها بذلك الحمار الذين يضعون فوق ظهره كتب العلم، ومهمته فقط أن يحملها دون أن يفقه ما بداخلها من العلم، فهم حفظوها ولكن لم يعملوا بما جاءت به من تشريع وأحكام.

وهكذا نكون قد عرفنا الغاية من إنزال الكتب السماوية، وعرفنا بما شبه الله تعالى الأقوام السابقة من يهود أو نصارى لم يعلموا بما جاء بكتبهم، وعرفنا أخيرًا معنى كلمة أسفارًا التي وردت في الآية الكريمة.

المصدر: السعادة فور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى